الخميس، 11 مارس 2010

تطور مدينة القاهرة فى العصر المملوكى الجركسى

تطور مدينة القاهرة فى العصر
المملوكى الجركسى
أولاً : العصر المملوكى الجركسى (784 – 923هـ) :
- لقد شهدت مصر عامة والقاهرة خاصة ظهور الطاعون الأسود منذ العهد الأخير للمماليك البحرية حتى أن الميراث فى عهد الناصر حسن بن قلاوون يورث فيه البيت خمس مرات فى يوم واحد ، مما أدى إلى عجز فى نظام "الطباق الصغير" فتغير فى عهد المماليك الجراكسة بأن أتوا بالمماليك الشباب مما نتج عنه أزمات اقتصادية أثرت على النواحى المعمارية والتوسعية لمدينة القاهرة باعتبارها عاصمة الدولة ومركز ثقل الخلافة العباسية فى مصر .
- نلاحظ أنه فى عهد :-
(1) الظاهر برقوق :
جعل الناس تقوم بشراء الأراضى الفاطمية واستبدالها من بيت المال بعد أن كانت قاصرة على الأمراء فقط ، مع أننا نلاحظ أنه بداية من عهده بدأ التخطيط المعمارى التوسعى لمدينة القاهرة يتغير عن عهد المماليك البحرية مثل المدارس والخانقاوات والمنشآت التجارية ، وهذا واضح فى الخانقاة التى أنشئها بشارع المعز لدين الله كما قام بإعادة بناء خانقاة سعيد السعداء .
(2) عهد الظاهر فرج بن برقوق :
نلاحظ أن عصر هذا السلطان تميز بأنه بدأ ينشئ فى منطقة خارج نطاق القاهرة البحرية فى منطقة الصحراء المعروفة "بالقرافة" شرقاً حيث وضع بذرة التعمير فيها بإنشائه خانقاته فيها ، كما أنه قام بتغير معمارى فى نظم المدارس البنائية مثل تطوير مدرسة جوهر القنقبائى سنة 840هـ .
(3) عهد المؤيد شيخ :
بدأت تظهر الفلوس النحاسية فى عهده فأثرت بالتالى على النواحى الاقتصادية والمعمارية ، مما دعا إلى الإنشاء على المبانى القديمة داخل مدينة القاهرة ، مما أدى إلى ظهور فكرة إقامة المبانى الجركسية على المبانى السابقة داخل القاهرة وذلك للأزمة الاقتصادية ولضيق المساحة داخل القاهرة أو تغير بعض معالم بعض المبانى أو تحويلها إلى مبانى أخرى .
ومن أمثلة ذلك : بناء مسجده الجامع عند باب زويلة الجنوبى حيث جعل مئذنتى المسجد أعلى البوابة ولم يكمل قبته الثانية وجعل به "منظرة" ليرى جيوشه وهى خارجة للحرب .
(4) عهد السلطان برسباى :
استمرت الأزمة الاقتصادية واضحة الظهور ، والذى اضطر لمعالجتها بأن اشترى كل تجارة الشرق وبيعها للغرب بمعرفته ، فالشيء الذى بدينار يبيعه بعشرة دنانير مما أدى إلى رواج فى النواحى المعمارية ، وقام ببناء مسجده الجامع فى المنطقة الشرقية ، وقام برسباى أيضاً ببناء دار لصناعة السفن بالقرب من ميناء بولاق مما أدى إلى تعمير المنطقة ، ولقد تجددت دار الصناعة بها فى عهد العثمانيين ومحمد على .
كما قام أيضاً بإعادة حفر خليج الإسكندرية الذى عرف فى عهد محمد على بترعة المحمودية وذلك ليصل مياه النيل من القاهرة إلى الإسكندرية ، وقد ساعده هذا الخليج فى غزو جزيرة قبرص فى ثلاث حملات بحرية .
كما أنه أوقف مدخلات هذا الخليج للإنفاق على بيمارستان الناصر محمد ، كما أنه استخدم هذه الأموال فى الإنفاق على أماكن تخزين البضائع وذلك لتصديرها لتجار جنوة والبندقية حسب سياسة الاحتكار ، كما أنه قام بتجديد الوكالات التى فى مواجهة قياصر الناصر محمد بن قلاوون ، وأقام فى أخر هذا الشارع بتحويل بيت الأمير "بيسرى البحرى" إلى خان وقام بعمل ثمانية حواصل بدلاً من أربعة مما يدل على ضخامته .
كما أنه قام بمد الشارع الأعظم وأعاد البناء حوله حيث أنشئ فندق فى إحدى جوانبه لاستراحة التجار .
كما نلاحظ ظهور منطقتى دار البلح ودار الكتب بالقرب من منطقة بولاق ، فاستغلها السلطان برسباى فى توسعة المدينة .
(5) عهد السلطان الأشرف إينال :
شهد عصره أكبر أزمة اقتصادية فى تاريخ الدولة الجركسية أثرت بالتالى على المبانى حيث صغرت مساحة المنشآت مما أدى إلى كثافة المبانى فى الخطط وتزاحمها وظهور المجموعات المعمارية (تضم جامع ومدرسة وسبيل وخانقاة) وتنظم الأوقات فيها بين المصلين والطلاب والصوفية بمواعيد منتظمة .
(6) عقد السلطان جقمق :
استقر النيل فى منطقة أخرى فعمل السلطان جقمق رصيف أخر ووسع ميناء بولاق مما جعل النيل يصل بين فرعيه رشيد ودمياط ، مما أدى إلى الاتساع العمرانى على جانبيه .
(7) عهد السلطان قايتباى :
أكمل العمران حول امتداد الشارع الأعظم الذى ابتدائه برسباى فبنى على الناصية وكالة وعند الأزهر وكالة هما الباقيتان من ذلك العصر ، وبنى أماكن أخرى كالحمزاوى وخان الخليلى ، ونظراً للإقبال على تجارة الشرق قام بإنشاء ميدان القبق (وهو عمود رخامى فى نهايته دائرة فى وقت السلطان يوضع داخلها عصفورة من الذهب ، أما فى الأوقات العادية يوجد أى هدف أخرى لتمرين الجنود على التصويب أمام السلطان) ، كما أنه أنشئ حديقة بهذا الميدان تشبه الحديقة التى توجد فى ميدان الصوالجة فى قصر الجوسق الخاقانى فى قصر سامراء ، كما أنه وسع بذلك ميدان القبق الذى عرف منذ عهد الناصر محمد بن قلاوون وتعمرت هذه المنطقة والتى عرفت بالدرب السلطانى والذى يوازى شارع صلاح سالم حيث خانقاة فرج بن برقوق ومجموعة السلطان قايتباى ومسجد الأشرف برسباى ويسير المماليك من هذا الطريق إلى القلعة حيث ينتهى الطريق بما يسمونه "عين المرسى" باب النصر ثم القاهرة (الطريق الشمالى) .
(8) عهد السلطان قانصوة الغورى 906 – 922هـ :
نلاحظ أن الأزمة الاقتصادية استمرت فى عهد قانصوة الغورى وخاصة بعد اكتشاف البرتغاليين طريق رأس الرجال الصالح والذى أودى باقتصاد دولة المماليك مما أثر على النشاط المعمارى والتوسعى لمدينة القاهرة وأدى إلى مصادرة الأوقاف والبناء عليها كما أنه قام بعمل قناطر جديدة لتوصيل المياه إلى القلعة بدلاً من قناطر الناصر محمد بن قلاوون وقام بتجديد سور مجرى العيون بعد تجديدات السلطان قايتباى به ، كما أنه قام بإنشاء عدد من الوكالات التجارية بالمنطقة التجارية الرئيسية بالشارع الأعظم حيث خان الغورى والقيصرية مثل خان الخليلى حيث نهاية القصر الكبير الشرقى الفاطمى ومقابر الفاطميين مثل تربة الحسين (رضى الله عنه) ، ولا ننسى أن الأمير جهركسى الخليلى هو الذى هدم مقابر الفاطميين وأنشئ خان الخليلى وجعل فيه مكان للنوم ومكان للبضائع ولا أحد يبيع ولا يشترى فى هذا المكان إلا بإذنه ، فجاء الغورى وهدم هذا المكان وأنشئ وكالته المعروفة بدلاً منها وخان الخليلى الباقى الآن هو الثلثين مما سبق ، والغورى بنى فى هذه المنطقة جامع وسبيل وحوش وكتاب ، ولقد دفن بالحوش السلطان طومان باى .
فنجد تجارة الترانزيت الدولية تستقر فى القاهرة قبل أن تتجه إلى الإسكندرية فبنى لهم السلطان الغورى سوق بمعنى دكاكين من الناحيتين وكذلك أنشئ السويقة لبيع الخضروات والفاكهة أما السوق فكان لبيع شيء محدد مثل سوق الحرير ، سوق العطاريين ، وفى العصر العثمانى تجارة البن .
(9) عهد السلطان طومان باى :
قام بتحصين أسوار القلعة وحفر خندق حول القاهرة للدفاع عنها ضد العثمانيين .
يتضح مما سبق أن توسع مدينة القاهرة فى العصر المملوكى الجركسى يتضح أنه مرتبط بظاهرتين أساسيتين :
الأولى : البناء فوق المبانى القديمة داخل المدينة وذلك نظراً للأزمة الاقتصادية ولضيق المساحة .
الثانية : التوسع الاطرادى وهو الذى نلاحظه فى التعمير حول المراكز التجارية مثل ميناء بولاق ، والدرب السلطانى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق