الاثنين، 8 مارس 2010

العلوم الإنسانية

تعتبر العلوم الإنسانية من العلوم العصرية التى تهتم بدراسة الإنسان وحضارته فى مختلف العصور البشرية دراسة تفصيلية تحليلية دقيقة من خلال ما خلفه الإنسان من تراث فكرى وفنى ومعمارى حضارى عبر الآثار المنقولة من المخطوطات البردية والورقية والنقوش والتحف الفنية وأدوات الإستعمال اليومية، والآثار الثابته من المبانى المعمارية المختلفة، وقسم الفقهاء المسلمون العمارة الإسلامية إلى أربعة أنواع رئيسية هى البناء الواجب، وهو ما استلزم القيام به فى تخطيط المدينة ولا إستغناء عنه لتكوين شكل المدينة مثل المساجد والأربطة والحصون والأسوار والجسور وقناطر السدود وغيرها، والبناء المندوب، كالمآذن والأسواق، والبناء المباح، كالمساكن والحوانيت للإستغلال مع بيان القواعد التى تحكم هذا من البناء بإعتبار أن شأناً فيه، والبناء المحظور كبناء حوانيت الخمور والدعارة والكنائس فى محلات المسلمين وغيرها
وتهدف دراسة العلوم الإنسانية فى مجال علم الآثار إلى إحياء الماضى وبعث صورته من جديد فى إطار ما وصلنا من مواد أثرية تفيد فى سد ثغرات المدونة التاريخية لحياة الإنسان البشرية وتعيد رسم صورة متكاملة له عبر التاريخ المادى، وتؤكد على قاعدة حوار الحضارات لا صراع الحضارات، والحضارات البشرية على نوعين الأولى حضارة بعث وهى الحضارات المادية البحته قبل الإسلام، والثانية حضارة وحى وبعث وهى الحضارة الإسلامية فالوحى القرآن الكريم والسنة النبوية، والبعث بالإستفادة من الحضارات السابقة مع ترك ما يخالف الإسلام وذلك عبر التوجيه الإسلامى للفنون والعمارة وكافة شئون الحياة فالفنون والعمارة الإسلامية فنون حضارية دنيوية تربط بين الدنيا والآخرة ولكنها ليست فنون دينية تعبر عن الدين بمفهومه عبر الصور والرسوم والتماثيل كالأديان المختلفة السابقة على الإسلام فالتوجيه الفنى والمعمارى للإسلام هو أن تكون الصورة غير مجسمة ولا تكون محاكية للطبيعة فلا يتحقق فيها منظور البعد الثالث والأفضلية فى القرون الثلاثة الأولى لأستخدام الزخارف النباتية والهندسية والكتابية على الترتيب ثم فى العصور المتأخرة الزخارف الحيوانية والطيور المحورة لعدم مضاهاة خلق الله لحديث عبد الله بن عباس عندما سأله أحد الناس فى الكوفة إنى أعمل بالرسم والتصوير والرسول "صلى الله عليه وسلم" :" أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون، يأتى بهم يوم القيامة فيقال لهم أحيوا ما خلقتم" وليس لى حفرة أعملها غيرها فقال له الإمام عبد الله بن عباس عليك بهذا وأشار بيده إلى الأورق النباتية، لذلك الإسلامية ليست إقتباس من الحضارات السابقة ولكنها جمع بين العناصر المختلفة كحبيبات اللؤلؤ المتامسة وشجرة الحياة الساسانية وكيزان الصنوبر وزهرة الأكانتس البيزنطية بأسلوب هندسى وحسابى بديع وتطوير كتطوير عناصر الشرفات المسننة وإبتكار كإبتكار الطبق النجمى بأجزائه وأشكاله المختلفة، ولم تبلغ أمة من الأمم أوحضارة من الحضارات فى فن من الفنون مثل ما بلغته الحضارة الإسلامية فى إتقان الخط العربى والذى بلغ أوجع مجده فى العصر المملوكى والعثمانى، أما فى إطار المعمار والتخطيط فقد هدف المعمار الإسلامى إلى أن دفع المجتمع المسلم إلى تطبيق أحكام الإسلام عبر التخطيط للشوارع والدروب والطرقات والأزقة والحارات وغيرها وذلك عبر تقسيم وتوزيع التكوينات المعمارية فلا يقع على الشارع الرئيس أى باب دخول لمنزل بل أبواب الدخول فى فى الحارات الجانبية ولا يكون باب فى مواجهة آخر لحماية العورات ولتطبيق قاعدة عدم كشف الضرر كذلك استخدم عمر بن الخطاب نظام الباشورة المدخل المنكسر فى مداخل المنازل لحماية الأعراض لأهل المنزل عند فتح الباب من اعين المارة فى الطرقات.
وإمعانا فى التواصل الحضارى بين الحضارات المختلفة قبل وبعد الإسلام فإننا لم نقتصر فى عمل هذه المدونة على الحضارة الإسلامية فقط بل ضمت الحضارات السابقة قبل الإسلام وذلك لتتبع التطور الفنى والمعمارى للعناصر المادية ومدى تطورها فى الحضارة الإسلامية وأتمنى أن تنال هذه المدونة إعجاب القراء والباحثين والله ولى التوفيق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق